في سباق الفن في جميع مجالاته الذي لا يتوقف حيث يسعى كل فنان إلى تحقيق ذاته وترك بصمته الخاصة تبرز ظاهرة غريبة ومؤلمة في آن واحد المتسلقون على اكتاف الاخرين هؤلاء هم اشخاص يفتقرون إلى الجهد الحقيقي والإبداع الاصيل والمثابرة الصادقة فيلجأون إلى استغلال جهود غيرهم لتحقيق مكاسب شخصية سريعة يظهرون كأنهم اصحاب انجازات عظيمة لكن في حقيقة الامر هم مجرد ظلال تعيش على ضوء انجازات الاخرين
المتسلق على اكتاف غيره لا يبني تاريخه بنفسه بل يسرق مواد البناء من حصاد الاخرين قد يتجلى ذلك في صور متعددة فنان ينسب لنفسه مشروعا فنيا شارك فيه زملاؤه بجهد كبير فنان ينسب افكار زميله المبدع لنفسه امام زملائه الفنانين أو حتى شخص في الحياة الاجتماعية يسرق الاضواء من شخص اخر كان يستحقها بجدارة هذا السلوك ليس مجرد تصرف غير اخلاقي بل هو خيانة للثقة وإجحاف للجهد المبذول
لماذا يلجأ البعض إلى هذا الطريق السهل غالبا ما يكون الدافع هو الخوف من الفشل او الرغبة في الشهرة السريعة او ضعف الشخصية الذي يمنعهم من خوض غمار التحدي بمفردهم هم يفضلون الوقوف على قمة برج بناه غيرهم بدلا من البدء في تسلق برجهم الخاص من الصفر هذا الطريق وإن بدا قصيرا ومغريا فإنه في النهاية يؤدي إلى فراغ داخلي وخسارة الاحترام الذاتي قبل خسارة احترام الاخرين
على الرغم من ان المتسلقين قد يحققون نجاحا مؤقتا إلا ان اساس هذا النجاح هش بمجرد ان تسحب منهم "الاكتاف" التي يستندون اليها يكشف الواقع عن حقيقتهم انهم اشخاص لا يملكون شيئا من المهارة او الانجاز هذا الانهيار قد يكون مدويا ومؤلما فالانجاز الحقيقي لا يسرق بل يبنى
كيف نتعامل مع المتسلقين في مجالات الفنون
من المهم ان ندرك ان المتسلقين على اكتافنا لا يسرقون نجاحا فنيا فقط بل يسرقون منا ايضا حقنا في التقدير والاعتراف ومواجهة هذا السلوك تتطلب
الوعي واليقظة يجب ان نكون واعين لمن حولنا ونوثق جهودنا وإسهاماتنا بوضوح لتجنب سرقتها
الشجاعة في المواجهة لا ينبغي ان نخشى التعبير عن الحقيقة وتسمية الاشياء بأسمائها عند الضرورة الدفاع عن الحقوق ليس وقاحة بل هو واجب
وانصح نفسي وكل مبدع سواء في الفن او اي مجال اخر التركيز على مسيرته الخاصة لا لاتدع فعل المتسلقين يثنيك عن ابداعك وجهدك استمر في البناء فإن انجازك الحقيقي سيتحدث عن نفسه في النهاية طال الزمن او قصر
في الختام النجاح الحقيقي ليس ان تلمع على حساب غيرك بل ان تضيء طريقك بجهدك الخاص المتسلقون على اكتاف الاخرين قد يصلون إلى قمة مؤقتة لكن الابطال الحقيقيين هم من يبنون قممهم الخاصة حجرا حجرا وعرقا عرقا لان الشرف الاسمى ليس في الوصول إلى القمة بل في شرف المحاولة والصراع والتجربة الحقيقية
بقلم الفنان . احمد يوسف