د. ضيف الله مهدي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب وعلى آله وأزواجه وذريته وأصحابه أجمعين .. أحييكم جميعا بتحية اﻹسلام الخالدة .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ثم أما بعد :
اليوم الجمعة الموافق ٢ جمادى الأولى من العام ١٤٤٧هـ ، قدم فضيلة خطيب جامع الفقهاء بمحافظة بيش خطبة في غاية الروعة والجمال ، بعنوان : جرب بس .. الخطبة تتناول بشكل عام الصديق وتأثيره على صديقه أو الزميل أو الصاحب .. وكيف أن الشخص قد يفقد عمره وشبابه وحياته ومستقبله بسبب كلمة خرجت من صديقه تقول له : ( جرب بس ) وكثير من النكبات والآلام والصراعات والانحلال والتردي وسوء الأخلاق اكتسبها الشخص بسبب هذه الكلمة ( جرب بس ) !.
والحقيقة الشيخ الأستاذ حسن الأعجم قدم الخطبة بأسلوب جميل مستدلا بآيات الذكر الحكيم وأقوال سيد الأنبياء والمرسلين وأقوال الحكماء والمصلحين فجعل الناس تنصت وتستمع .
ولي تعليق وتعليقي ليس نقصا في الخطبة أو أريد إضافة لم يقلها الخطيب الإمام ، معاذ الله فليس ذلك من طبعي ، إنما اعتدت أن أعلق وإذا ما علقت ترسل إلي الأسئلة لماذا ما علقت وفي بيش حوالي عشرة جوامع تقام فيها خطبة وصلاة الجمعة ولكن اعتدت من صغري أن أصلي الجمعة في جامع الفقهاء .
للصاحب والصديق والزميل والجليس تأثير ساحر على صديقه .. فحديث النبي عليه الصلاة والسلام : (إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير ، فحامل المسك إمّا أن يحذيك وإمّا أن تبتاع منه وإمّا أن تجد منه ريحا طيبة ، ونافخ الكير إمّا أن يحرق ثيابك وإمّا أن تجد منه ريحا خبيثة ..) رواه أبو موسى اﻷشعري رضي الله عنه .. وهنا بين لنا نبينا الكريم أنواع اﻷصحاب أو الجلساء ولأن الصاحب ساحب فقد يقلد الصاحب صاحبه ولأن هذا الجليس الصالح نشأ في أسرة ربته تربية جيدة ونشأ نشأة سليمة كان كذلك ثم التحق بمدرسة فيها معلمين قاموا على تربيته وتعليمه وتعديل السلوك غير المرغوب وواصلوا ما قامت به اﻷسرة وهكذا كان صالحا .. وذاك السيء هو لم يكن في اﻷساس سيئا مصداقا لقول نبينا الكريم : ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء ، هل تحسون فيها من جمعاء ؟! .. ) . ولكنه نشأ في أسرة لم تهتم به وتلقفته اﻷيادي اﻷخرى فكان سيئا في سلوكه وطباعه .. أو قام على تربيته وتنشئته الشغالات والسائقين والشارع .
ونادر بل النسبة ١ في اﻷلف أن يكون من ميلاده سيئا وذلك بسبب تكوينه والتشوهات والطفرات في الكروموزومات فكان مجرما أو عدوانيا وسيئا .. وحيث أن الشخص السوء السبب في كونه سيئا معروف فهناك إمكانية علاجه وتعديل سلوكه وإعادته ليكون شخصا صالحا .. ونحذر من الصاحب والجليس السوء وقال الشاعر :
أنت في الناس تقاس
بمن اخترت خليلا
فاصحب اﻷخيار تنجو
وتنل ذكرا جميلا
وقال آخر :
عن المرء لا تسأل
وسل عن قرينه
فكل قرين
بالمقارن يقتدي
وفي كتاب العقد الفريد ذكر ابن عبد ربه أن سيدنا سليمان بن داود عليهما السلام خرج في رحلة تحمله الريح حتى انتهى إلى قصر ووجد عليه نسر واقف فسأل سليمان النسر : منذ متى وأنت هنا ؟ فرد النسر : منذ سبعمائة سنة .
_ وبالمناسبة فسليمان عليه السلام كان يفهم لغة الطير والحيوان _ والنسر الطائر القوي الملقب بسيد الطيور من الكائنات أو الأحياء التي يمتد بها العمر حتى تبلغ ( ١٠٠٠ ) سنة وهومن الطيور القوية الذي يمكنه أن يحمل ويطير بصغير الفيل ، وله القدرة على الطيران من الشرق إلى الغرب في مسيرة واحدة دون توقف ، وأنثى النسر تسمى ( أم قشعم ) .
والمهم أن سليمان عليه السلام دخل القصر فوجد على أحد حيطانه منقوشا :
خرجنا من قرى اصطخر
إلى القصر فقلناه
فمن يسأل عن القصر
فمبنيا وجدناه
فلا تصحب أخا الجهل
وإيّاك وإيّاه
فكم من جاهل أردى
حكيما حين آخاه
يقاس المرء بالمرء
إذا ما المرء ماشاه
وللناس من الناس
مقاييس وأشباه
وللقلب على القلب
دليل حين يلقاه
وللعين غنى للعين
أن تنطق أفواه
وقرى اصطخر من بلاد فارس القديمة بناه ملك اسمه اصطخر بن يهمورث.
الختام ، كم من كلمة جرب وبس هدمت أسر وبيوت وآلمت وأتعبت ، وعلى الآباب والأمهات والشباب الانتباه والحذر حتى تصل السفينة إلى بر الأمان وتعود الأمانة إلى خالقها.







