د. ضيف الله مهدي
في الوقت الذي ننتظر فيها الكبار من الشيوخ والأطباء وكبار المتميزين في المجتمع فيظهرون ويذكرون من خبرات أعمارهم وأعمالهم ما يفيد الناشئة ويحسن ويهذب من سلوكياتهم التي تكون في سن المراهقة بعض الطيش ، ويطمئنون كبار السن أن الخلف سيحمل لهم الحب والمودة ولن يناسهم وينسى ما قدموه لهم وللمجتمع .. يخرج علينا البعض بأفكار وكلام قبيح وأقبح من القباحة بل يسميه البعض (عهر الكلام ) . فهذا يوعز ويوغر صدور الآباء الذين عدوا خريف العمر واقتربوا من السفر البعيد والرحلة الطويلة التي لا يمكن اللقاء بعدها إلا من رحم ربي . فيقول له تراك بتموت وبعد موتك لن يهتم بك أو يذكرك أحد حتى أبنائك وسيكون جل اهتمامهم ليلة وفاتك ولحدك ودفنك هو الطعام والمفطح والشطة والبيبسي والميرندا .. ورب أب بكى وقت سماع هذه النصيحة وندم وحتى ممكن تتغير معاملته وتعامله مع أبنائه !!
وذاك يذكر أن فقدانه درجة واحدة في الاختبار أهم عنده من موت أبيه وأمه ، بل ويفتخر أنه ذهب يختبر في التالي لموت والده وراح يبيع ويشتري أيضا في موت والدته .
آه وآه أيها الكبار لقد سقطتم سقوطا مدويا.
كيف سيراكم الناشئة ؟!
والله لقد سقطتم سقوطا مدويا وليت الأرض بلعتكم قبل أن تقولوا ما قلتم . كان سيبكي الكثير عليكم وسيتذكر جميلكم !!
أما الآن فلن يتذكروا إلا سقوطكم .
على الجانب الآخر تجد شباب صغار في مواقع التواصل وفي السنابات ينشرون الفرح والبهجة - صحيح لا أتابعهم أنا - ولكن يصلني بعض ما ينشرون .
لماذا أيها الكبار نشرتم النكد وزرعتم الشكوك ولم تنشروا الفرح والسعادة وتقريب وجهات النظر وحث الآباء على الاهتمام بأبنائهم حتى لو أصبحوا على فراش الموت . قال تعالى : ( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ).
وثبت في الصحيحين : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل على سعد بن أبي وقاص يعوده قال : يا رسول الله ، إني ذو مال ولا يرثني إلا ابنة ، أفأتصدق بثلثي مالي ؟ قال : " لا " . قال : فالشطر ؟ قال : " لا " . قال : فالثلث ؟ قال : " الثلث ، والثلث كثير " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس ".
هذا في الجانب المالي .
أما الحب والعلاقة والمودة فليتركهم وهم يشعرون بحبه ، وعلى الأبناء رعاية آبائهم وأن يشعر الأب بحب ابنه له . قال تعالى : ( وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ).
حياة متوازنة .. أنت لازم تعامل أمك وأبيك بالحب والعطف والرحمة كما كانوا يعاملونك ، وستنجب الأبناء وتكون معاملتهم لك كما كنت تعامل أبوك وأمك .. الحياة دين وقضاء . والتعامل الطيب يبقى أثره وذكره .







