iqraaPostsStyle6/recent/3/{"cat":false }

البكاء وتقوى الله في جامع الفقهاء

تاريخ النشر: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة

د. ضيف الله مهدي 

اليوم الجمعة الموافق ٧ صفر ١٤٤٧هـ ، وفي جامع الفقهاء بمحافظة بيش ألقى فضيلة خطيب الجامع الشيخ الأستاذ حسن بن يحيى الأعجم خطبة في غاية الروعة والجمال بعد حمد الله وشكره والصلاة والسلام على رسوله ، وجه سؤالا : هل جلست بمفردك يوما وبكيت خشية من الله وتقوى له سبحانه وتعالى وواصل حتى سأل الظالم كيف هو في حياته مرتاح الضمير وقد ظلم الكثير ثم أتى بالحديث القدسي الذي يقول : " قال اللهُ تعالَى : يا عبادي ! إنِّي حرَّمتُ الظُّلمَ على نفسي وجعلتُه مُحرَّمًا فلا تَظالموا ، يا عبادي ! إنَّكم تُخطِئون باللَّيلِ والنَّهارِ وأنا أغفِرُ الذُّنوبَ جميعًا ولا أُبالي فاستغفروني أغفِرْ لكم ، يا عبادي ! كلُّكم جائعٌ إلَّا من أطعمتُ فاستطعِموني أُطعِمْكم ، يا عبادي ! لم يبلُغْ ضُرٌّكم أن تضُرُّوني ولم يبلُغْ نفعُكم أن تنفعوني ، يا عبادي ! لو أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم وجِنَّكم وإِنسَكم اجتمعوا وكانوا على أفجرِ قلبِ رجلٍ منكم لم يُنقِصْ ذلك من مُلكي مثقالَ ذرَّةٍ ، ويا عبادي ! لو أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم وجِنَّكم وإنسَكم اجتمَعوا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني جميعًا فأعطيتُ كلَّ إنسانٍ منهم مسألتَه لم يُنقِصْ ذلك ممَّا عندي إلَّا كما يُنقِصِ المَخيطُ إذا غُمِس في البحرِ ، يا عبادي ! إنَّما هي أعمالُكم تُرَدُّ إليكم ، فمن وجد خيرًا فليحمَدْني ومن وجد غيرَ ذلك فلا يلومَنَّ إلَّا نفسَه" .. وواصل خطبته الرائعة ، وبيني وبين نفسي تذكرت الحديث الشريف "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله" يشير إلى سبعة أصناف من الناس لهم فضل خاص عند الله يوم القيامة، حيث يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وهذه الأصناف هم: الإمام العادل، والشاب الذي نشأ في عبادة الله، والرجل الذي قلبه معلق بالمساجد، والرجلان اللذان تحابا في الله واجتمعا عليه وتفرقا عليه، والرجل الذي دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، والرجل الذي تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، والرجل الذي ذكر الله خالياً ففاضت عيناه". 

كيف أن البكاء من خشية الله وأنت لوحدك ما عندك أحد سبب لجعلك أحد السبعة الذين يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله . وتذكرت أمير المؤمنين هارون الرشيد يرحمه الله حينما قال وهو في حالة غضب لزوجته زبيدة  : " أنت طالق إن لم أكن من أهل الجنة " . ثم ندم على ذلك لحبه لزبيدة وحزنت هي حزنا شديدا ، فجمع العلماء فلم يفتوه حتى جاء إمام عصره وأفقههم ، وعالم مصر الليث بن سعد يرحمه الله - وكان الليث أفقه من إمام دار الهجرة مالك بن أنس يرحمه الله ولكن تلامذته لم يحتفظوا بعلمه - فسأله بعدما أخرج العلماء : قال له الليث : ضع يدك يا امير المؤمنين على كتاب الله ، واقسم بأنك ستصدقني لا تكذب ، فأقسم هارون الرشيد فقال: يا امير المؤمنين أما والله ، لم استحلفك تهمة لك فإني اعلم أنك صادق الكلم ، ولكني احببت أن لا تخدعك نفسك استحلفك بالله يا أمير المؤمنين هل ذكرت الله يوما خاليا ليس عندك احد ، ولم تذكر في نفسك غير الله أحد ، فذرفت عينك الدمع على لحيتك؟. قال هارون : وحق منزل هذا الكتاب لقد كان ذلك مِراراً .. قال الليث : افتح كتاب الله على سورة الرحمن ، ففتح قال : اقرأ قوله تعالى { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } . فبشره بدل الجنة ، جنتين بدليل قرآني. يقولون سمعوا فرحة زبيدة كل من كان جالسا في مجلس الخليفة .. وأقول أنا حتى اللي يساقون في وادي بيش ذاك الزمن سمعوا صوت فرحتها .

فالبكاء من خشية الله سبب لدخولك الجنة .

وتأملت تفريطنا في جنب الله ، والندم الذي سنندمه على تفريطنا ، فتذكرت أن الندم حالة انفعالية تنشأ عن شعور الإنسان بالذنب ، وأسفه على ارتكابه ، ولومه لنفسه على ما فعل ، وتمنيه أنه لم يفعل ذلك . ولوم الإنسان لنفسه ، وندمه على ما فعل من العوامل الهامة في تقويم شخصيته ، ودفعه إلى تجنب الأفعال المشينة وارتكاب الذنوب التي تسبب له الندم ولوم النفس . وقد أقسم الله بالنفس اللّوامة تقديرا لأهميتها في توجيه سلوك الإنسان إلى الابتعاد عن المعاصي التي تسبب له اللوم والندم . قال تعالى : (( لآ أقسم بيوم القيامة () ولآ أقسم بالنفس اللّوامة )) سورة القيامة(1ـ2)

ويقابل النفس اللّوامة ( الضمير ) ، وهو ما يسميه ( فرويد ) والمحللون النفسيون ( بالأنا المثالي ) أو ( الأنا الأعلى ) ( S u p e r E go ) ، وهو الجزء من النفس الذي يحاسب الإنسان على أفعاله ، ويؤنبه على أخطائه ، ويجعله يشعر بالندم على ما ارتكبه من ذنوب . 

وأول ندم شعر به الإنسان ما حدث لأبوينا آدم وحواء عليهما السلام وهما في الجنة وقبل أن يهبطا إلى الأرض ، فقد عصيا أمر ربهما وأكلا من الشجرة التي نهاهما عن الاقتراب منها ، وظهرت سوءاتهما ، فشعرا بالندم وتوجها إلى الله سبحانه يطلبان منه المغفرة والتوبة . 

وثاني ندم شعر به الإنسان بعد ذلك عندما قتل قابيل أخاه هابيل ، ثم ندم بعد ذلك على قتله .

ويصف القرآن الكريم ما سيحدث يوم القيامة من ندم بعض الكفار لعدم إيمانهم بالله سبحانه ،وتصديقهم لرسوله صلى الله عليه وسلم  ، قال تعالى : : (ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا () يا ويلتا ليتني لم اتخذ فلانا خليلا )

شارك المقال على مواقع التواصل

قد تُعجبك هذه المشاركات

6791826968527391403

البحث