iqraaPostsStyle6/recent/3/{"cat":false }

من هوأسوأ إنسان بقلم : فيصل البقمي

تاريخ النشر: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة

تعتبر عبارة "أسوأ إنسان" عبارة قوية جداً وغالباً ما تستخدم في لحظات الغضب أو اليأس لوصف شخص تسبب في ضرر كبير أو خيانة عميقة . لكن الحقيقة أن مفهوم "الأسوأ" هو مفهوم معقد جداً ويعتمد على معايير مختلفة من شخص لآخر .

من الممكن أن نصف شخصاً بأنه "أسوأ إنسان" لأنه:

تسبب في أذى كبير ومتعمد: سواء كان أذى جسدياً أو نفسياً.

خان الثقة: كأن يقوم شخص بالخيانة في علاقة صداقة أو زواج أو عمل.

لا يملك أي تعاطف أو ندم: مثل الأشخاص الذين يرتكبون أفعالاً سيئة ولا يشعرون بأي ندم.

استغل الآخرين: الأشخاص الذين يستغلون ضعف الآخرين لتحقيق مكاسب شخصية.

من المهم أيضاً أن نأخذ في الاعتبار أن كل شخص لديه جانب جيد وجانب سيء. قد يكون الشخص الذي نراه "أسوأ إنسان" قد مر بتجارب صعبة شكلت شخصيته بهذه الطريقة. هذا لا يبرر أفعاله السيئة، ولكنه يساعدنا على فهم أن الحكم على شخص بأنه "الأسوأ" هو حكم معقد وقد يكون غير دقيق.

ان تحديد من هو اسوأ انسان هو امر معقد للغاية اذ يتجاوز مجرد سرد اسماء شخصيات تاريخية ارتكبت فظائع. انه بحث في اعماق الطبيعة البشرية في الظروف التي يمكن ان تدفع فردا الى تجاوز الحدود الاخلاقية وفي الصفات التي يمكن ان تتسبب في اكبر قدر من المعاناة والالم.


الشر كصفة لا كفرد
بدلا من الاشارة الى شخص واحد بعينه يمكننا النظر الى الشر كصفة او مجموعة من السلوكيات التي تظهر في اي انسان والتي تتسبب في اكبر قدر من الاذى. هذا المفهوم يساعدنا على فهم ان الشر ليس كيانا منفصلا بل هو جزء من الطيف البشري يمكن ان يظهر بدرجات متفاوتة في اي شخص.

الوحشية اللاإنسانية: الاسوأ هو من يمارس العنف والوحشية المفرطة ضد الآخرين ليس فقط جسديا بل نفسيا وعاطفيا ايضا. هؤلاء الاشخاص يتلذذون برؤية معاناة الاخرين ويستغلون ضعفهم دون اي شعور بالندم او التعاطف. انهم يمثلون حالة من الفراغ الاخلاقي العميق حيث تفقد الحياة البشرية قيمتها.

الخيانة والغدر: اسوأ انسان هو من يخون الثقة ويغدر بالآخرين خصوصا من هم في امس الحاجة اليه. هؤلاء الاشخاص لا يترددون في استغلال العلاقات الشخصية لتحقيق مصالحهم ويتركون وراءهم الما عميقا يصعب شفاؤه ويدمرون اهم ركائز العلاقات الانسانية.

الاستغلال والظلم: الاسوأ هو من يمارس الاستغلال والظلم على نطاق واسع. انهم الاشخاص الذين يستغلون سلطتهم او نفوذهم لاخضاع الاخرين وسلب حقوقهم دون مراعاة لكرامتهم او انسانيتهم.

نشر الكراهية: من اسوأ ما يمكن ان يفعله الانسان هو نشر الكراهية والتمييز ضد الآخرين بناء على عرقهم دينهم او معتقداتهم. هذه الافعال لا تؤذي الافراد فحسب بل تمزق المجتمعات وتؤدي الى صراعات وحروب.


لماذا يصعب تحديد الاسوأ؟
ان تحديد "الاسوأ" امر معقد وهذا يعود الى عدة عوامل:

الظروف والنشأة: في بعض الاحيان يمكن ان تدفع الظروف القاسية مثل الفقر المدقع او الصدمات النفسية الانسان الى ارتكاب افعال لا يرتكبها في الاوقات العادية.

القدرة على التغيير: الناس قادرون على التغيير. الشخص الذي ارتكب افعالا سيئة في الماضي قد يتوب ويغير من حياته للافضل. والتوبة الصادقة يمكن أن تمحو الذنوب والخطايا في منظور الشرع والدين ولكن آثار الأفعال السيئة في الدنيا قد تستمر اذا لم يتم محاولة اصلاحها. على سبيل المثال الشخص الذي يسيء إلى الآخرين قد لا يتمكن من إصلاح الضرر بالكامل. ومع ذلك  فإن السعي لإصلاح ما يمكن إصلاحه  وتقديم الاعتذار ومساعدة من تضرروا هو جزء أساسي من عملية التوبة الحقيقية.

التغيير رحلة صعبة  تتطلب جهدًا كبيرًا وشجاعة ولكنها ممكنة. وكل يوم جديد هو فرصة للبدء من جديد.


كيف يمكننا التعامل مع هذا المفهوم؟
بدلا من البحث عن "اسوأ انسان" ربما يكون من الاجدى ان نسعى لان نكون نحن افضل ما يمكن ان نكون عليه. هذا يتضمن:

فهم دوافع الشر: محاولة فهم الدوافع وراء السلوكيات السلبية. هذا لا يبرر الافعال لكنه يساعد على فهمها.

التسامح والرحمة: ممارسة التسامح والرحمة تجاه الآخرين حتى في وجه الصعوبات.

بناء مجتمعات افضل: العمل على بناء مجتمعات تقوم على العدل والرحمة والتعاون وحسن المعاملة.

في النهاية ربما يكون التركيز على الافعال والصفات بدلا من الاشخاص هو الافضل. السعي لتحقيق الخير والرحمة والعدل هو ما يجعلنا افضل . بينما تزيد الافعال الشريرة من الالم والمعاناة.

في النهاية بدلاً من التركيز على من هو "الأسوأ"، ربما يكون من الأفضل أن نركز على حماية أنفسنا من الأشخاص الذين يحاولون ان يؤذوننا والتعامل معهم بحكمة.



بقلم : فيصل بن احمد البقمي 

هذا المقال جزء بسيط من بحث سابق قدمته بعنوان ( قوة العقلية النامية والنظرة الشاملة) 

شارك المقال على مواقع التواصل

قد تُعجبك هذه المشاركات

6791826968527391403

البحث