iqraaPostsStyle6/recent/3/{"cat":false }

في صمت الانطوائيين وصخب الأنبساطيين رحلة إلى أعماق العلاقات البشرية

تاريخ النشر: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة

 في خضم صخب الحياة المعاصرة تتشابك خيوط العلاقات الإنسانية في نسيج معقد ينسج حياتنا الاجتماعية إنه تباين فريد بين طبيعتين متناقضتين ظاهريا الأنبساط والانطواء  ليس كل منهما خيرا مطلقا أو شرا مطلقا بل هما وجهان لعملة واحدة تشكل شخصية الفرد وتفاعله مع الاخرين

الانبساط سعي نحو التفاعل الخارجي

الأنبساطيون هم أشخاص يستمدون طاقتهم وحيويتهم من التفاعل مع الآخرين والتجارب الخارجية فهم كالزهور التي تتفتح في ضوء الشمس يزدهرون في التجمعات والمناسبات الاجتماعية ويعيدون شحن طاقتهم عبر الحوار والتواصل المستمر

أمثلة ودلائل

  • القيادة والانطلاق: كثير من القادة والمديرين الناجحين يميلون إلى الانبساط قدرتهم على التواصل بفعالية وإلهام الفرق تجعلهم محركين للتغيير والابتكار مثلا ستيف جوبز كان معروفا بقدرته على إلقاء خطابات مؤثرة والتفاعل بحماس مع جمهوره

  • سهولة التكيف: يجد الأنبساطيون سهولة في التكيف مع البيئات الجديدة وتكوين صداقات سريعة في سفرهم أو عملهم الجديد مما يمنحهم شبكة واسعة من العلاقات تساعدهم في مختلف جوانب الحياة

  • التعلم من التجربة: يفضلون التعلم من خلال التجربة المباشرة والمشاركة العملية بدلا من الدراسة النظرية فهم يغوصون في المهام والمشاريع بحماس ويستفيدون من أخطائهم بشكل فوري 

  • ومع ذلك علاقات الانبساطيون بمن حولهم تفتقر إلى العمق والصدق لأنها علاقات قائمة على التفاعلات السريعة والمجاملات والمصالح في اغلب الاوقات 

  • يشعرالانبساطيون بالوحدة رغم كثرة الأصدقاء: قد يشعر الشخص بالوحدة والعزلة رغم امتلاكه لشبكة واسعة من الأصدقاء على الواقع او مواقع التواصل على الإنترنت لان غالبية هذه العلاقات لا توفر الدعم النفسي والعاطفي الحقيقي الذي نحتاجه  في كل الاوقات وخاصة وقت الشدة 

  • غياب الثقة والدعم: في العلاقات الانبساطية من الصعب أن تجد شخصا تثق به لمشاركة مشاكلك العميقة أو تطلب منه المساعدة في امر خاص السبب لان هذه العلاقة في الواقع سطحية  لا تبنى على أساس من الثقة المتبادلة وإن كثر التواصل والمجاملة في العلاقة 

الانطواء غوص في الأعماق الداخلية

على النقيض تماما يقف الانطوائيون الذين يجدون طاقتهم في عالمهم الداخلي هم ليسوا بالضرورة خجولين أو كارهين للناس بل إنهم يفضلون العلاقات العميقة والمدروسة على العلاقات السطحية الكثيرة 

أمثلة ودلائل

  • الإبداع والتفكير العميق: يميل الانطوائيون إلى التفكر والتأمل مما يجعلهم مبدعين ومحللين بارعين في مجالات مثل الفن والكتابة والعلوم ألبرت أينشتاين كان معروفا بانطوائه وقدرته على الانعزال لفترات طويلة للتفكير في نظرياته المعقدة

  • الاستماع الفعال: يمتلك الانطوائيون قدرة هائلة على الاستماع الفعال فهم لا يتسرعون في إصدار الأحكام بل يستوعبون المعلومات بعمق قبل الرد مما يجعلهم مستشارين وحكماء موثوقين ونظرتهم في اغلب الاحيان بعيدة وثاقبة 

  • العمل الدقيق والمركز: يبرعون في الأعمال التي تتطلب تركيزا عاليا وعملا فرديا مثل البرمجة والكتابة والأبحاث العلمية . قدرتهم على التزام الهدوء والتركيز لساعات طويلة تمنحهم ميزة  في هذه المجالات

  • التركيز على الجودة لا الكمية: بدلا من السعي لامتلاك مئات الأصدقاء يحاولون التركيز على بناء علاقات عميقة مع عدد معقول من الأشخاص الأكثر وعيا ونضجا

  • الوجود الحقيقي: الوجود الحقيقي عند الحاجة هو سمة موجودة لدى الانطوائيين بكثرة ولكن يجب أن ندرك أن الانطوائيون حساسون جداجدا واي تلاعب معهم اوعدم اعطائهم احترامهم اوخذلانهم يعد بالنسبة لهم ليس مجرد خيبة أمل بل هو خرق لعقد ثقة ثمين جدا جدا 

هل الانطواء سلبية ؟

غالباً ما ينظر إلى الانطواء على أنه سمة سلبية أو حتى كعيب في الشخصية وهذا غير صحيح  الانطوائيون ليسوا منعزلين بالضرورة بل يختارون بعناية العلاقات التي يبنونها هم يفضلون الجودة على الكمية ويسعون إلى علاقات حقيقية وذات معنى إنهم يدركون أن العلاقات العميقة هي التي تغذي الروح وتدعمها وهي الباقية  


التوازن هو مفتاح النجاح

المجتمع السليم يزدهر بوجود كلا النوعين فالأنبساطيون يضخون فيه الحيوية والتجديد ويقودون المجموعات نحو أهدافها المشتركة بينما يوفرالانطوائيون العمق والثبات والابتكار من خلال تفكيرهم الواعي والاشمل والمستقل

إن الفهم الصحيح لاختلافاتنا يفتح الباب أمام علاقات أكثر صحة واحتراما فليس هناك طريقة واحدة صحيحة للعيش أو التفاعل المهم هو أن نتقبل أنفسنا والآخرين كما نحن وأن نتعلم كيف نستفيد من نقاط قوتنا المتنوعة  أن هناك مجالات مشتركة يمكن لكل من الأنبساطيين والانطوائيين أن يضيفوا فيها قيمة للمجتمع بطرق مختلفة كلاهما مكمل للاخر .

المجتمع الذي يدرك قيمة كلا النوعين هو مجتمع قوي  فالأنبساطي يمكنه أن يروج لفكرة عظيمة بينما الانطوائي هو من قام بتطويرها مثلا: في عالم الأعمال فريق مبيعات انبساطي يمكن أن يجلب عملاء جددا بينما فريق الانطوائيين يمكنه أن يبني منتجا مبتكرا وعالي الجودة  إن فهم هذه الديناميكية يسمح لنا بإنشاء فرق عمل ومجتمعات أكثر فاعلية حيث التنوع هو أساس النجاح وتحقيق الاهداف .


بقلم : فيصل بن احمد البقمي


شارك المقال على مواقع التواصل

قد تُعجبك هذه المشاركات

6791826968527391403

البحث